الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعايش مع الزوج شديد الغيرة الملتزم دينياً

السؤال

أنا متزوجة منذ 3 سنوات، وزواجنا كان مبنياً على حب، وزوجي معروف أنه شديد الغيرة علي، وأنا تعودت على هذا النمط واتفقنا في أول زواجنا على أمور عدة، وهي: أن لا أعمل، وأن أتحجب بعد فترة من الزواج وبالفعل تحجبت بعد سنتين، وزوجي معروف أنه صعب الطباع، أي أنه غير مستعد لمسايرة أي أحد إلا ضمن المعقول حتى مع أهلي، مع أنه يكن لأهلي كل الاحترام, ولكنه عنيد متشبث برأيه, ونحن الآن عندنا ولد عمره سنتان، ومنذ هذه اللحظة وزوجي متغير، أصبح يدقق في كل شيء حتى في أمور الولد، وأهله متدينون جداً لدرجة التزمت، وهو بكونه وحيد مضطر لأن يكون دائماً معهم لدرجة أنه لا يوجد استقلالية في حياتنا، على الرغم من أننا نعيش لوحدنا, ولكن زوجي يضع في اعتباره أهله قبل كل شيء، حتى أنه يحاول أن يغيرني حتى يصبح تفكيري مثل تفكيرهم، مع أني نشأت في بيئة متدينة أصلي وأصوم، وأنا الآن متحجبة وأصون زوجي وابني، هل يوجد أكثر من هذا؟
وأي شجار بيني وبين زوجي يدخل الدين في كل شيء، مع أن السبب يتعلق بالطبع والشخصية, ولكنه يحاول أن يتحجج بالدين مع أني أطيعه في كل حقوقه وآخذ إذنه في كل شيء , وأنا الآن بنظرة أحب الحياة وغير مهيأة لولد آخر، وأنا أشعر أنني لا أستطيع أن أتقبل شخصيته الجديدة في التعصب والنقد، ولا يوجد ثقة فيه أن يتركني بعد عشرة عمر على إثر شجار خفيف أو غلطة ارتكبها ولد من أولادنا، وأنا أعيش في صراع بين أن أعطيه فرصة أخيرة أو أنقذ نفسي من الآن وأنتهي من هذه العقد التي فيه، وأعيش حرة، أفيدوني ولكم جزيل الشكر لأنني لا أعرف ماذا أفعل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سالي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وأن يعينك على إسعاد نفسك وزوجك وأسرتك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك للخير والحق الذي يرضيه، ويسعدك وزوجك في الدارين.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فأعتقد أنك نجحت نجاحاً باهراً في هذه السنوات القلائل، حيث عودتِّ نفسك طريقة زوجك، وهذه من عوامل قوة الشخصية التي تتمتع بقدر كبير من المرونة وتقدر المصلحة، وهذا على عكس ما يظن الكثير من الناس الذين يرون المرونة ضعفاً، وحب المرأة لزوجها وحرصها على استقرار أسرتها عبودية ورقاً.
أنت حقّاً إنسانة رائعة وموفقة؛ لأنه لا يوجد أعظم من أن يحرص الإنسان على إدخال السعادة على غيره، وأن يكون مرناً ليِّنا لا تكسره أعتى الرياح أو الأعاصير، والمولى جلَّ جلاله يحب العبد اللين السهل الذي يأْلفْ ويُؤلف، بل لا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف كما ورد في السنة، وكونك تخافين من المستقبل أرى أن خوفك ليس محله الآن، فمثلك يصعب عليها أن تخاف لعدة أسباب، أهمها: المرونة الرائعة، وثانيهاً: حبها لزوجها وحرصها على طاعته وإرضائه، وصيانة عرضه وحفظ ماله وولده، وثالثها: دفاع مولاك عنك، أمَا قال الحق جل وعلا: ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا))[الحج:38]؟ أمَا قالت هاجر أم إسماعيل عليه السلام: (إن الله لا يضيع أهله)؟
إذن الخوف لا محل له مطلقاً، خاصةً مع صاحب الدين الذي إن ذكرته بالله تذكر، وإن خوفته من الله خاف وخشع وأقلع، هذه نعمة عظيمة أختي سالي، وأعتقد أنك بمقدورك تغييره أيضاً، ومساعدته في أن يكون وسطاً، فالمرونة التي عندك تؤهلك أن تغيريه للأحسن، بشرط أن تضعي ذلك في حسبانك، احصري نقاط الخوف التي تخافين منها وهي فيه وادرسيها جيداً؛ فإن كانت شرعية فأنت أولى بها وأحق؛ لأنها دعوة إلى الدين والحق، وإن كان فيها بعض التجاوز أو الغلو أو الشطط، فلماذا لا تتطلعي على الصح والصواب وتناقشينه فيه؟ وبذلك تساعدينه على أن يكون دائماً على الحق، وأن تكون أنتِ مأجورة على تعليمه وإرشاده بطريقة غير مباشرة، وبذلك تضمنين لنفسك ولولدك ولزوجك حياة سعيدة مستقرة ملؤها الحب والحنان والتفاهم، تحفها الملائكة بأجنحتها، وتشملها عناية الله ورعايته.

وتأكدي من أنني واثق من قدرتك على ذلك، فأنت قادرة على هذا وأكثر منه إن شاء الله، ولكنك لم تستخدمي هذه النعمة، خاصة وأن زوجك ملتزم ويحرص على الحق، فهذه فرصة عمرك أن تعينيه على الوسطية، وأن تبعديه عن الشطط والغلو والتطرف، وأهم شيء، الحوار الهادئ والحجج المقنعة خاصة من الكتاب والسنة، وهي فرصة لأن تتزودي من العلم الشرعي الذي سينفعك الله به في الدنيا والآخرة.
ولا تنسي سلاح الدعاء فإن الدعاء يغير المقادير ويحدث الأعاجيب.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد والسعادة لك ولزوجك وأولادك في الدنيا والآخرة، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً