الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتاة المسلمة والدعوة إلى الله تعالى

السؤال

أنا فتاه أبلغ من العمر 20 سنة، أمي توفيت عليها رحمة الله، وأشعر أني لا أعرف كيف أتصرف، أريد أن أشتغل في حاجة مفيدة تفيد الإسلام لكن لم أجدها، عقلي كبير، وأستطيع بفضل الله حل أي مشكلة لغيري، أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة / نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك يا ابنتي في موقعك، ورحم الله والدتك وأسكنها الفردوس الأعلى، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات العابدات الداعيات إليه على بصيرة، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد بسؤالك: فأنت إنسانة عظيمة حقاً، والعظماء دائماً هم الذين يفكرون في غيرهم ولا يعيشون كما تعيش الحيوانات لا هم لهم إلا الأكل والنوم فقط، وليس لهم من دور يُذكر في الحياة، وما أكثر هؤلاء بين المسلمين مع الأسف الشديد!!
فالحمد لله أن جعلك غير هؤلاء، ونسأله جل جلاله أن يجعلك من سكان الدرجات العلى من الجنة.
طبعاً نحن لا نعرف ظروفك الأخرى، وهل لك أسرة تعيشين معها أم لا؟ وهل أنت طالبة أو موظفة أم بدون عمل؟ فهذه كلها أمور يجب مراعاتها عند حل موضوع، ولذلك سأتكلم معك عن دورك في خدمة الإسلام؛ لأن هذا حقٌ على كل مسلم ومسلمة مهما كانت ظروفه.
تعلمين -يا ابنتي- وكما لا يخفى عليك أن أشرف وظيفة وأعظم مهنة هي وظيفة الأنبياء والرسل، وهي الدعوة إلى الله جل جلاله، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا))[فصلت:33]، فهذه أشرف وظيفة وأعظم وأرقى مهنة عرفتها الإنسانية إلى يومنا هذا، إلا أنها تحتاج إلى زاد علمي يتناسب مع عظم الوظيفة، ولذلك لابد لك من البدء أولاً في طلب العلم الشرعي على قدر ظروفك، سواءً بدراسة نظامية أو المشاركة في الدورات الشرعية التي تُعقد في بعض المساجد عندكم، أو حضور الدروس والمحاضرات الشرعية، أو الاطلاع على الكتب التي تتناسب مع مستواك العلمي والعقلي، أو سماع الأشرطة الهادفة، وهذه الأمور كلها متوفرة في مصر ولله الحمد، هذا أولاً.
ثانياً: اربطي نفسك بمجموعة من الأخوات الصالحات، واستفيدي من خبراتهم الدعوية، وتعلمي منهم ما تشعرين أنك في حاجة إليه، أو اطلبي منهم مساعدتك في ذلك؛ لأن وجودك مع مجموعة من الأخوات يعينك على مواصلة الرحلة ويدفع عنك الفتور أو التكاسل.

ثالثاً: ابدئي مشوارك الدعوي بالأمور البسيطة، ومع مجموعة صغيرة من الأخوات أو الجارات أو الزميلات، ولو في صورة قراءة موضوع من كتاب كحديث مشروح أو سورة قصيرة مفسرة، ولا تتكلمي في الأحكام من أول الأمر؛ لأن الناس لا يتجاوبون مع التكاليف والأحكام بسهولة، فعليك بالرقائق أو الآداب العامة والسيرة وبعض الأحاديث النبوية المشروحة، وكل ذلك بأسلوب هادئ ولطيف، وحددي لذلك أياماً وأوقاتاً محددة حتى تواصلي طلب العلم، ولا تتوقفي عن ذلك، وحاولي الاستفادة من وسائل الدعوة الحديثة، واسمعي إلى الأشرطة الدينية لتعرفي طريقة الإلقاء وعوامل التأثير.
رابعاً: ابدئي مشروعك الدعوي ولو مع فتاة أو امرأة واحدة، ولا تبحثي عن الكثرة، فالعبرة بالفائدة والأثر وليس بالعدد والشهرة .
خامساً: أعطي كل ما لديك من وقت فائض عن حاجتك للدعوة إلى الله في مجال النساء، فما أحوجنا إلى داعيات بين النساء، ولا تشغلي بالك بالرجال أبداً، فأخواتك المسلمات أولى بك وفي أمس الحاجة إليك.
سادساً: كوني قدوةً صالحة في سلوكك وقولك وفعلك؛ لأن الدعوة بالسلوك أعظم أثراً من الدعوة النظرية التي لا يطبقها أصحابها.
سابعاً: عليك بالدعاء أن يوفقك الله في هذه الوظيفة، وأن يبارك لك في وقتك، وأن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يجعل في كلامك الأثر والفائدة.
ثامناً وأخيراً: لا تتعجلي النتائج، فالفلاح يبذر البذور وينتظرها لسنةٍ كاملة، فعليك بالصبر لأنه أهم عامل من عوامل نجاح الدعوة .
ونحن معك بالموقع ندعو لك بالتوفيق والسداد، ونتمنى أن تبشرينا بثمرة جهودك مستقبلاً، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً